الاثنين، 7 سبتمبر 2009

الأحد، 6 سبتمبر 2009

قصة اخرى

قصة قصيرة جدا

يوميات رسام مجنون

حسن منصور الصباغ

اليوم الاول:

بدأت الالوان تتساقط ، متناثرة بعبث امامي ......انها تمتزج ببعضها بخبث كامل .

انا اتعذب من هذا المزاح اللعين . فالالوان تموت امامي ، تُقتل ، ولا استطيع تقديم المساعدة .

اليوم السابع:

ما زلت أتعذَّب بلا رحمة ،بدأت الفرش تجف ولا تطاوع اصابعي . انها تتضخم يوميا لتصبح اكبر من ان توسعها يدي . اصبحت مستحيلة المعاشرة .

بعد اسبوعين:

انا مجهد للغاية . فقد امضيت ايامي الاخيرة في الجري وراء انابيب اللون . انها تهرب كالجرذان امامي . وعندما اوفَّق فأمسك اللون الاحمر .أجد اللون الازرق وقد افلت مني .

انها تهرب مني بشكل مجنون .

بعد شهر:

آه..انه يوم مضيء حقا . اني اشعر بالشمس كأنها تدخل غرفتي . وتنبذ حجمها المهول وتتواضع امامي . صغيرة صغيرة .. ولطيفة . اشعر بالهدوء حقا . لولا ان لوحاتي تلاحقني بنظراتها الذئبية . صراحة . انا اخاف الاقتراب منها ، لانها تتحيَّن الفرصة للامساك بي ... وذبحي .

انا لست مستعدا للموت . وسط ركام الاحمر القاني .

بعد شهر ونصف:

صباح اليوم حاولت ان اعقد صداقة جديدة مع لوحاتي . وقد بدأت بذلك . بالاقتراب منها رويدا . حاولت ان اكون لطيفا معها . ولأن جميع اللوحات المعلقة على الجدار تغط في سبات عميق . فاني ابتدأت مصالحتي باللوحة الاخيرة التي لم اتممها .

كان الغبار يملأها بصورة كثيفة . فهي ترقد هناك . يائسة ،فوق الحامل الخشبي . منذ بضعة اشهر . اضفت بعض الالوان اليها . حاولت ان تكون الواني فيها متفائلة نوعا ما !! آه . لكني كنت اعلم حق العلم . انها لم تعد تطيعني . فقد بدأت اللوحة تهتزُّ أمامي بارتباك واضح ، والالوان تتقافز بجنون مستهزئة بي . حتى الحامل الخشبي الذي أكنُّ له احتراما لا يصدق ، واعامله دائما بالحسنى . بدأ يهرب من امامي . ويجري مسرعا في جميع انحاء الاستديو ، ويتراكض حوله جمع غفير من انابيب اللون والفرش .

لم اعد استطيع السيطرة على اعصابي .

انهم يتآمرون عليَّ .. للفتك بي .

بعد 3 اشهر:

كوابيس فضيعة بدأت تلازمني منذ مدة . اثناء الليل . اني اسمع اصواتا غريبة في الغرفة صياح وضجيج يصم الآذان.

بدأت اخاف من هذه الغرفة الملعونة .

انها بلا شك مسكونة بالموت .

جميع من حولي هنا . ينظرون اليَّ بحقد . اللوحات... الالوان .. الفرش .. وحتى تمثال فينوس الصغير . حاول البارحة خنقي .

انهم يدبِّرون شيئا ضدي .

بعد عام كامل:

ملاحظة :-

نشرت جميع صحف الصباح الصادرة يوم(...............) خبر مقتل الفنان (( ....... )) في محترفه ، لقد وجدوه ملقى برعب وسط اكوام من اللوحات والالوان والفرش والتماثيل .

وما زال التحقيق الجنائي جاريا على قدم وساق لمعرفة الجاني الحقيقي .

دعوة الى معرض النور

تحت شعار المحبة والتعايش بين أطياف الشعب العراقي

تحت رعاية مؤسسة النور للثقافة والأعلام سيقام معرض فني تزامناً مع مهرجان النور في بغداد لليوم الموافق 15/ 12/2009 وذلك في المسرح الوطني وسيكون هناك أكثر من جناح للمعرض.
المعرض الفني متنوع مابين الفن التشكيلي, الرسم الكاريكاتيري, الخط العربي والتصوير الفوتوغرفي.
المعرض سيحمل نفس عنوان المهرجان وهو المحبة والتعايش بين أطياف الشعب العراقي.

شروط المسابقة:ـ
ـ أن يكون المشارك عضو من أعضاء النور.
ـ مدة المعرض أسبوع وأكثر.
ـ قد تشترك بعض من هذه الأعمال في معارض ستقام في محافظات أخرى وبمشاركة فناني تلك المحافظة (الموضوع قيد المناقشة).
ـ للفنان له حرية الأختيار موضوع عمله وفي أختيار أحد الرموز التي يرمز بها عنوان معرضنا.
ـ سيقدم كل فنان من 1_ 10 عمل فني والتي ستعرض على اللجنة المختصة والتي بدورها ستقوم بأختيار خمس أعمال فنية كحد أقصى للمشاركة في المعرض, ويجب أن تكون هذه الأعمال المشاركة جديدة وتم تنفيذها خلال العامين الماضيين.
ـ أن لا تكون الأعمال المشاركة سبق حصولها على جوائز.
ـ أرسال صور فوتوغرافية ملونة لكل لوحة فنية وبالنسبة للعمل المجسم تكون الصور من زواية مختلفة للأعمال المشاركة مع مراعاة أظهارها بالشكل الذي يوضح معالم العمل الفني. هذا وترفق مع كل صورة المواصفات لكل عمل مقدم كأن يكتب (عنوان العمل, مقاسات العمل, المادة (الخامة) التقنية المستخدمة في العمل, سنة الأنتاج).
ـ أرسال السي في (السيرة الذاتية) للفنان مع أرفاقها بصورة للفنان.
ـ يمكن المشاركة في مجالات الفنون التشكيلية التشكيلي, النحت التشكيلي, الخزف, الحفر, الجرافيك). ـ ـ اللوحات التشكيلية لا يتعدى أكبر ضلع فيها مقاسات 1,50 متر. والأعمال المركبة / المجسمة لا يتعدى عن 2×1×1 متر.
ـ آخر موعد لأستلام صور الأعمال الفنية مع أستمارة الأشتراك 30/10/2009.
ـ لتحكيم الأعمال سوف تقوم لجنة مكونة من عدد من الأساتذة لتحديد ما يرتقي منها للمشاركة في المعرض.
ـ سيتم أبلاغ كل فنان برسالة الكترونية عن اسم العمل الفني الذي تم اختياره للمشاركة، ووقت التسليم.
ـ سيتحمل الفنان الذي هو خارج العراق مصاريف أرسال أعماله الفنية من واليه.
ـ ستكون الجوائز المقدمة من قبل مؤسسة النور للثقافة والأعلام جوائز معنوية.
ـ ستتواجد جهات أعلامية وقنوات عراقية لنقل المهرجان وأفتتاح المعرض.

ملاحظة:
1ـ في حالة أنسحاب أي فنان أرجوا أبلاغنا بذلك.
2ـ لأرسال المعلومات المطلوبة / ولأرسال أي أستفسار فلديكم العنوان التالي:
thash922@hotmail.com
3ـ في الأسفل أستمارة المعلومات/ أسماء أعضاء اللجنة المحكمة/ أسماء الفنانين التشكليين.
مع العلم هذه الرسالة تخص فقط الفنانين التشكيليين.





اسم الفنان/ الفنانة/ الأسم
رباعيا:________________________________________
تاريخ ومكان الميلاد:______________________________ العمر:__________
آخر مؤهل:________________التخصص:______________________ ______
المهنة الحالية:__________________________________________ _______
رقم الهاتف:______________ الجوال:______________ الفاكس:____________
العنوان البريدي: المدينة:___________ص ب:________الرمز البريدي:_________
العنوان الالكتروني (email):_______________________________________


بأسماء الأعمال الفنية المشاركة في المسابقة ويكتب (عنوان العمل, مقاسات العمل, المادة (الخامة) التقنية المستخدمة في العمل, سنة الأنتاج).

1
2
3

أسماء لجنة التحكيم:
1ـ عبد الأمير الخطيب/ تحكيم
http://www.alnoor.se/author.asp?id=298
2ـ أحمد بجاي/ تحكيم
http://www.alnoor.se/author.asp?id=64


أسماء لجنة تنظيم المعرض:
1ـ رائد أمجد التميمي
2ـ ايمان الوائلي
3ـ طارق الأغا
4ـ مهند الليلي

أسماء الفنانين المشاركين بالأضافة الى أعضاء اللجان
1ـ ناصح عبد الرحمن
2ـ سمرقند الجابري
3ـحسين السلوان
4ـ عايده الربيعي
5ـ محمد خالد
6ـ علي عاتب
7ـ إيفان الدراجي
8ـ رملة الجاسم
9ـ دلدار فلمر
10ـ عمار بن حاتم
11ـ صباح محسن جاسم
12ـ اسماعيل الياسري
13ـ جبار عوده الخطاط
؟؟14
15ـ حسن منصور الصباغ

المنظمة والمشرفة على المعرض
ثائرة شمعون البازي
7/8/2009

قصة قصيرة

(( سبعة أيام قبل إطلاق سراحه !!!))

قصة قصيرة

حسن منصور الصباغ

الإهداء ...

إلى بوادر الثورة التي تتحرك، لكنها ،لا تفعل فعلها . لقد تأخرت كثيرا ، وانتظرت كثيرا .وستقومُ يوما ما . لكنها ستقوم متأخرة جدا !!!.

اليوم الأول :-

كان شيئا غريبا يحدث ولا شك . فمنذ ثلاثة قرون . وأنا اقبع في هذه الغرفة الرطبة ، انهض الآن مبكرا هذا اليوم . وأشعر بالحياة فجأة من جديد ...

لقد أعددت إفطاري بنفسي ، وغسلت الصحون ، ثم شعرت برغبة سعيدة بتوضيب أوراقي الكثيرة ، مزَّقت منها الكثير وأبقيتُ على بعض التخطيطات والكتابات الناضجة . لقد أفرزتُ بضعة أوراقٍ من مجموعة كبيرة هي خلاصة ما حدث لي هنا . خلال ثلاثة قرون .

ثم حلقت ذقني الخشن . ورحت اقرأ في كتابٍ جديد . لم اشعر بالحياة مطلقا كما اشعر بها الآن . حتى السماء التي كانت تتسلل من النافذة الوحيدة كانت على غير ما عهدتها .. باسمة ومتفائلة ..

كان شيئا غريبا يحدث .. فأصوات الأحذية الثقيلة تروح وتغدو باضطراب مفرح في الممرات الطويلة . اسمع صوتها وأتساءل ! ماذا يحدث ؟؟.

لم استطع التركيز على الحروف المسطَّرة في الكتاب . لم افهم كلمة واحدة مما قرأت .. لكني مع ذلك كنت سعيدا .

تمعنت في جميع زوايا الغرفة .. السقف .. الجدران .. الأرضية.. كان كل شيء يبوح بالفرج القريب

لماذا أشعر بذلك ؟ والثلاثة قرون قد تصبح عشرة ؟ كان شيئا غريبا يحدث !!!.

بعد ذلك ... وفي غمرة السحر الذي أعيشه منذ صباح اليوم ازداد وقع الأحذية الثقيلة في الممرات قرباً ، وسرعان ما توقف عند باب زنزانتي . كانوا يتجمهرون خلف الباب لأمرٍ غريب . وبحكم خبرتي الصوتية التي اكتسبتها من ثلاث قرون استطعت تقدير أمر مهم وعجيب .

إن ثلاثين مسلحا يقفون الآن خلف الباب !!! كان شيئا غريبا يحدث .

وكانت سعادتي تتصاعد . رغم كل ذلك فأنا أعيش هذا اليوم في ألفةٍ مع كل موجودات الغرفة . وكنت اشعر بالأمان تماما معها .

وكالهدير الضاج . تسلل إلى الغرفة ، ثلاثين مسلحا . ملثمين بالسواد تماما . بدلات سود .. أنطقه سوداء .. خوذ سوداء .. وبنادق سود .

كان قائد المجموعة السوداء . يحمل ورقة ، سرعان ما نشرها أمام وجهه الذي لا أتبين منه سوى عيون حمراء محتقنة .

ومضى يقرأ بصوت قوي :-

(( باسم الشعب تقرر إطلاق سراح المتهم ((س)) لكفايتنا به ، وتأكُّدنا التام من عدم قدرته على الخوض في حقول الألغام .

على الجهات المختصة تنفيذ هذا القرار بعد سبعة أيام من صدوره ...

كنت ما زلت مستلقيا على الكرسي ، وأنا اسمع ذلك . وقد شعرت بالكهولة حقا .. وبالرغبة في الاسترخاء . ارتجفت أوصالي جميعا . ولم تكن دموعي في تلك اللحظة ، دموع عيناي . بل كان جسدي كله يبكي ..ويرتجف .

ثلاثة قرون أمضيتها هنا بعذاب لا ينقطع . ثلاثة قرون من الدناءة والمذلة وفقدان الفضيلة . كنت ابكي بصمت عميق ، تبللت ملابسي بالدمع ، وكذا دفتري هذا الذي يرقد في حضني .

لقد أصبحتُ قطرة كبيرة من الدمع . دموع ثلاثة قرون !!! لا ..لا...أيام معدودات وينتهي كل شيء ، ويعود هذا الانحناء القبيح إلى استقامته .

فقط سبعة أيام ، وينمحي الشيب من رأسي ، وتعود الدماء إلى خلاياها الحقيقية .

ثلاثة قرون من الموت ... وسبعة أيام من الانتظار إنها المعادلة القاسية ياسياده الكاردينال !!!... كان جسدي يرتعش بشدة .. وفي الساعات الثلاث التي مضت بعد ذلك . سقطتُ في غيبوبة هادئة .

اليوم الثاني :-

لم يكن هذا اليوم يوما ثانيا ، كان امتدادا للبارحة ، إنهما يوم واحد . وحتى الآن لم أتحرك من الكرسي ، ولم تكن لي رغبة في ذلك . كنت أود لو بقيت هكذا ، استقرُّ فوق هذا الحطام الخشبي .. انتظر وانتظر .. احلم واحلم .. حتى تنتهي الستُّ أيام المتبقية .

منذ البارحة وأنا اجلس هكذا ، الدفتر يغفو في حضني . ويداي مستسلمتان للاسترخاء التام .

أما قدماي فلم أكن اشعر بهما تماما .ولم تكن بي رغبة في تحريكهما . أو امتحان قدرتهما فأنا لا احتاج الآن سوى أن احلم بما يأتي من الأيام ... فقط احلم .

التفتُّ في زوايا الغرفة ، فانا انظر في نفس هذه الزوايا منذ ثلاثة قرون . ولم الحظ التغيرات التي حدثت في الجدران والسقف خلالها . لكني ألاحظ الآن جيدا . تآكل الجدران .. وقتامتها كأني ادخل الغرفة للمرة الأولى .

إني ارغب بالبكاء . فمنذ سمعت خبر إطلاق سراحي ، ولم يزل جسدي يرتجف بعنف ، إلا قدماي . فقد كانتا ساكنتين . وغبتُ ثانية في غيبوبةٍ طويلة ...

اليوم الثالث :-

آه لو تستمر هذه الغيبوبة أربعة أيام أخرى . لاستيقظ بعدها وأجد نفسي حرا من جديد .. لقد بدأت اشعر بثقل الأيام القادمة .. أربعة نهارات .. وأربع ليال . إنها طويلة للغاية .. إنها ثلاثة قرون أخرى يا كاردينال .

كنت اشعر بوجع خفيف في رقبتي ، فإنها تستند منذ ثلاثة أيام فوق كتفي . كنت اشعر بالخدر يسري في جميع أنحاء جسدي وبألم باهت في قدماي .

(( آه يا قدماي .. لماذا أنت ساكنة هكذا بلا حراك ؟ لقد سرت بك ثلاثة شهور ، مطاردا تحملتِ جسدي هذا ، قبل إلقاء القبض علي ، وبك اخترقت غابات شديدة الخطورة ، وسهول تسكنها الذئاب

كنت يا قدماي . رفيقة دربي القاسي .. وكنت أمينة جدا معي )) إنها الآن تتمدد بلا حراك .. أمامي ، كنت اشعر بها خالية من الدم . ويبدو أنها قد رحلت في غيبوبة طويلة . ولن يطاوعها النهوض ثانية ، إلاّ بعد نفاذ الأيام الباقية .

( كم أنت مخلصة يا قدماي ؟؟)

حاولت تحريكها بهدوء ، أو سحبها قليلا وتغيير مكانها . لكني لم أجد فيها جوابا . كانت ساكنة مثل الموت .. حاولت مرة أخرى وأخرى ، لكني لم افلح كذلك .. يبدو أنها بدأت تخونني ..

شعرت بالألم من جديد ، والخدر يسري من وسطي إلى جميع أنحاء جسدي .. كنت اعلم إن هذا الألم يسبق الغيبوبة المنتظرة .

اليوم الرابع .. الواحدة والنصف مساءا .

اشعر بدوار شديد أو برغبة في التقيؤ . لقد بدأت الغيبوبة اللعينة تضايقني ، وتمنعني عن الحلم . لقد صارت أطول مما أريد لها .. اللعنة ، وهذه الآلام التي تكبر يوميا . وتنتشر في جسدي كله .. إنها تشعرني بالموت .. وليس الحرية ..

اليوم وبعد غيبوبتي الأخيرة ، التي لم تفارقني إلا في المساء المتأخر . أحسست بالآلام جديدة أكثر وجعا . كنت اشعر بالخدر يأتي إليَّ من الأرض تحتي ، يستلُّ إلى قدماي ومن ثم إلى جسدي كله . لقد صرت مرتبطا بالأرض وببلاط الغرفة . حتى الكرسي يلتصق بالأرض ولا ينوي الحراك ..

جسدي كله لا يطاوعني ، سوى يدي التي اكتب فيها والتي بدأت تؤلمني أيضا .

إني أتحول إلى صخرة جامدة لا حول لها ولا قوة .

حاولت الاستسلام للنوم . لكن الآلام المبرحة منعتني من ذلك . إني أتألم ولا استطيع الحراك .. يا كاردينال!!! .

اليوم الخامس

بدأ عشب خفيف ينمو تحتي ،عشب طفوليّ اخضر ، إني ارقبه منذ البارحة . ينمو سريعا ، يتسلل بين أصابع أقدامي انه يشكل دائرة حولي . تحيط بالكرسي وبجسدي الساكن . كانت متعة النظر إلى نمو العشب ، وكيف انه يشق طريقه في ثنايا أصابعي ، وبين قدماي ، تجعلني اسرق الوقت لكي انهي اليومين المتبقيين . ويبدو إن العناية الإلهية أرسلت هذا العشب لكي يستفزني ويملأ وقتي .

كان العشب ينمو بسرعة ، لأني لم اعد أرى من قدماي سوى هذه الكتلة الخضراء . كنت اشعر بأني أغوص في بحر من العشب لا ادري أين يؤدي بي . ورغم الألم الذي بدأ يشغل أماكن جديدة في جسدي . إلا أني كنت سعيدا بهذا العشب الذي يلتف حولي ...حتى القلم الذي يستقر بين أصابعي ، لم تعد يداي تستطيعان مسكه بسهولة ..

بعد لحظات . كانت قدماي تغوص عن آخرها في العشب المزدحم . لقد أمضيت النهار وبعض المساء بالترقب . كان مشهدا رهيبا جعلني انسى إن ثلاثة قرون أمضيتها هنا . ستنتهي بعد يومان . ولولا هذا الألم اللعين الذي بدأ يزداد فيَّ . لبقيت أتمعن في هذه الأعجوبة اللطيفة .. حتى يأتي الجند من جديد . ليطلقوا سراحي .. موشحين بالسواد .....كان العشب قد وصل الآن إلى ركبتاي . وكان الألم يزداد حدة ،كنت اشعر بأن الغيبوبة ستطول هذه المرة . وقد تستمر أكثر مما أريد لها . فيفوتني المشهد الأخير من الثلاثة قرون . كنت أقاوم غيبوبتي التي بدأت تتملكني بسهولة ... واكتب. كنت أقاومها واعتصر نفسي .. بلا جدوى.

كانت الغيبوبة تنمو .. والعشب ينمو ويتسلل بين أجزاء جديدة من جسدي وبين ملابسي .

انه يصل الآن إلى بطني ..يكبر ويكبر بسرعة شديدة .

وكنت في ذلك أغيب من جديد في غيبوبة طويلة .. طويلة ...طويلة للغاية .

اليوم السابع

من جديد اكتظت الممرات بالأصوات . ولم تكن هذه الأصوات .... إنها أصوات جديدة . ليست أصوات أحذية ثقيلة لجنود يلبسون السواد . إنها أصوات لأقدام كثيرة ومتنوعة لقد كان الصراخ والتهليل يملأ المكان . كان شيئا غريبا يحدث .

الأصوات تقترب من الزنزانة ، حيث يرقد (( س)) هناك منذ ثلاثة قرون .

إنهم يطرقون الباب بعنف ، يركلوه بالأقدام . وبالأيادي . لقد بدأ الباب يتهشم أمام ضربات الآلاف من الغرباء الذين يصرخون بكلمات قديمة .. ومألوفة .

وكانت الهلاهل تتصاعد في كل أرجاء المكان . والباب يتهشم إنهم الآن يدخلون ألوفا ألوفا في هذه الزنزانة الصغيرة . يرتدون الملابس البيضاء . بعضهم يحمل المعاول . وآخرون يحملون .. فؤوسا . كان شيئا غريبا يحدث .. مثل ثورة جديدة ومنتظرة .

لقد سكن الصراخ الآن ، والصمت يطبق على الجميع داخل الغرفة .

إنهم ينظرون إلى الزاوية . تحت النافذة الوحيدة ، حيث يجلس ((س)) غارقا في العشب الأخضر . الذي لم يزل ينمو . مغطيا رأسه المسند إلى كتفه .. لقد تسلَّل العشب في عينيه وبين شعيرات رأسه . وفي أذنيه وفمه . لقد صار (( س)) كتلة خضراء من العشب .. لا ترى منها سوى دفتر يوميات الصغير هذا ، يستقر على الأرض ، بجانب القلم وبعيدا عن دائرة العشب .

لقد صار العشب قبرا لهذا الجسد المنهك من هول ثلاثة قرون . كانت الألوف من البشر ، الذين دخلوا هنا ينظرون إلى الزاوية.... لم تعد تسمع منهم همسا أو صوتا . سوى صوت دموعهم وهي تسقط بلا موسيقى ، فوق ارضي الزنزانة .

إنهم يبكون ثلاثة قرون من الصمت .

حسن منصور الصباغ

الخميس، 3 سبتمبر 2009